Ahmad Moualla
Painting| Workshop| Graphic| Photograph| | | Contact info | What's new?
 


قبس من نور  

أقام الفنّان التشكيلي أحمد معلاّ، معرضاً فنيّاً، في مركز الفنون، في اليونان، في العاصمة أثينا، في منطقة الميغرو موسيكي. وذلك بدعوة من بلدية أثينا. وكان الإفتتاح، في 18/ 11/ 2010 في الساعة السابعة مساءً، وقد حضر العديد من رِجالات الفن، والمثقفين، والمهتمين، وعدد كبير من الجالية العربية، هذا إضافةً للجهة الداعية والمنظمة. واستمرّ المعرض حتى 2/12/ 2010.






حوار مع الفنان السوري أحمد معلاّ:


أجرى الحوار: الكاتب والموثق التاريخي معتصم فريد تقلا

س1: حضرة الفنان أحمد معلاّ، كيف تمّ الترتيب لإقامة هذا المعرض في اليونان، وما هي الجهة المنظمة لهذ العمل؟

ج: بالتعاون مع الدكتور أيمن صليبي، الذي نظّم العمل من خلال المسؤلين في بلديّة أثينا.

س2: هل كان إختيار اللوحات من قبلك، وبحسب ما تودّ عرضه على الجمهور اليوناني، أم كان محدّداً من قبل الجهة المنظمة؟

ج: الحقيقة أن الجهة المنظمة أعطتني الحرية الكاملة في إخيار ما أود عرضه، لأنها جهة واعية أن كل عمل فني ذو أهميّة خاصة، تنقل رؤيته التشكيلية بالطريقة الإبداعيّة المشكل منها.


س3: لماذا إخترتم هذه اللوحات ذات الطابع الخطي، لتعرضونها في هذا البلد الأوربيّ؟ فالمبان في أعمالكم، تواجد حروف الخط العربي، أو أشباه الكلمات، بالإضفة لوجود شخصيّات مشكّلة بالحروف ذاتها، كما يبدو جليّاً.

ج: هي تجرة جديدة، تعبّر عن التحول بين الكلمة والجسد، وهذ ما يشغلني في هذه المرحلة، لذلك قمت بإنتقاء الأعمال التي هي جزء من هذا التفكير. وأعتبر أن هذا شيء جيد، خاصّةً أنه قابل للنقد، بسبب وجود تكنيك معين فيه. فاللوحات مركبة كما تشاهد.

س4: برأيكم مذا يقدّم هكذا عمل، محضّر بطريقة فنيّة عالية الإحترف، بطابع عربي، لبلد أوربي ذوا حضارة مختلفة؟

ج: قبل كل شيء، أود القول: أنّ هناك، شكلٌ جديدٌ في المشهديّةِ البصريّةِ، مُتناولٌ في المساحة التصويريّة، هذا المستوى الأوّل المقدّم في هذا العمل. أما المستوى الثاني: من خلال إستخدام الكتابة. بالنسبة لي أقول: الكلمة ، التخطيط، الخط العربي بمعتى المهني، الذي هو في شكل من الأشكال، كتابة معيّنة. في استخدام الكلمة بتحوّلاتها، يمكن أن نقول: إنّ هناك إكتشاف صغير، ألا وهون تحول الكلمة إلى كائن حي عند كتابتها بشك عمودي، وإلى كم من الأموات أثناء كتابتها بشكلٍ أفقي. فعند كتابة الكلمة بشكل أفقي لا تتوضح بالنسبة لنا، العلاقة مع الجسد أو مع حضور الإنسان. بينما، عند إيقاف الكلمة عموديّاً، وحين تقوم بمدّها، كما هو مسموح في اللغة العربيّة، ك مدّ السين أو الياء، حين تقوم بهذا التحريك، يمكن للكلمة أن تتحوّل إلى خَصر أو حَوض، أو إلى علاقة بين فخذين، أو إلى إمتداد ثدي مع بطن، وهذا يخلق بدوره الإمكانات التي تريدها، فكما تلاحظ في إحدى اللوحتين المرسومتين بالأزرق والأبيض، وجود الخط والفراغ حوله مع قليل من البحث التصويري، يُبان كأشخاص متحرّكة. فعند حذف النقاط الموجودة، يمكن عنده القول: أن هذا الموضوع لا علاقة له بالكتابة، فوجود النقاط يلعب دوراً هاماً.هذا أولاً. أماّ ثانياً، هو، أن ريشة الكتابة، ليست ريشة مدبّبة أو مدوّرة، بل هي ريشة مشطوفة بزاوية معيّنة. هذا الشطف يساعد على خلق حركة خطيّة تشابه حركة الكتابة. فالعلاقة بينهما هي ك الإمتحان، فكم بمقدور الريشة المشطوفة، أن تعطي كتابة وجسد في ذات الآن! فيصبح بإمكانك السؤال: هل هذا ياتُرى رسم لأجساد بأداة الخط وليس بالخط؟ هذا جانب، أمّا الجانب الآخر، يمكنك الملاحظة: أنّه في كل لوحة يمكنك مشاهدة إبتكار جديد، ذو علاقة جديدة بين الكتابة والرسم أو التصوير، حتى يصل هذا العمل إلى غنىً نوعيّ في اللون، النمنمة، والبحث. وكثيراً من الأحيان يصل إلى تقشف عالي في بعض الأعمال، ويمكن أن يصل ليدمج بين تجربتي القديمة، التي تحتوي الإنسان والجماعة- شغلي الشاغل- ومحاولة الإنتقال هذه، وكأنّ العين تسأل: هل هذه كتابة؟ أم أن هذا العمل، هو إنسانٌ حقيقي؟

كل هذا التصور يأخذك، باتجاه مفاهيم ذات علاقة بطريقة تركيب اللوحة، وصولاً إلى الهالات، التي يمكنك عندها أن تسأل هل هذه الهالة تبحث عن كائنٍ حَي تعلو رأسه؟ هل هناك من يستحق؟ والعديد العديد من التساؤلات.

س5: يرى في هذه الأعمال تمازج في الألوان، وتنوع فيها، حتى يمكن القول أن أحمد معلاّ فننان الألوان كلِّها. فهل إستخدام الألوان هذا خاصّية تميزك عن غيرك؟ أم ماذا؟ لأن هناك من الفنانين من يستخدم ألوان محدّدة، أوطريقة واحدة، أو نوع واحد من طرق التشكيل الفني. وهكذا يطبع ذاتَه في فكر الآخرين، برؤية تذكّر فيه عند مشاهدة أي عمل من أعماله.

ج: أنا أعتبر كل الألوان، والأشكال، والطرق التشكيلية، جزء من حياتي وشخصيّتي. أما بالنسبة للفنانين الذين ينهجون أسوباً واحداً في فن التشكيل، فهذا يعدّ بحسب رأي، فزلكة ذات علاقة بالتنميط. فعل سبيل المثال: إذا شاهدت لوحة زرقاء اللون فقط، تقول هذه لفلان. وإذا شاهدت طريقة تشكيليّة تحتوي دائماً، إمّا قبة جامع، أو قبة كنيسة، تقول: هذه لوحة فلان. وكأنّ هذا الشيء هو الذي يجعل الآخرين يعرفونني. فلماذا هذا الأسلوب الذي يحدّ الرؤية الفنية للفنان؟ لماذا لا أكون حرّاً، من كل القيود، التي تُقوقِع الإبداع الفني في بوتقة مغلقة؟ لماذا يجب أن يعرفَني المشاهد أو الناقد أو التاجر، من الأسلوب فقط؟ لماذا لايعرفني من خلال روحي؟ وكأنه يجب أن ألتغ بحف الثاء بدل السين لكي يقولوا هذا هو أحمد معلاّ، على سبيل المثال. لماذا أعطب نفسي، كي أُعرف بإتجاه معين، أو بشكلٍ معين؟ ما هذا العيب!

لديّ فرص واسعة، وطاقات كبيرة، وإنفتاح على الثقافات والأفكار الإنسانيّة، وبالتالي لن أحرم ذاتي من تقديم كل هذا، ولدي الإمكانيّة. فإن كان هناك من يظن أنّه لا يقدر أن يقدّم إلاّ بهذا الشكل أو النمط، فهذه مشكلته هو. لذا أنا لست مع التنميط. فلاحظ هنا في هذا المعرض، كل عمل يختلف عن الآخر ليس فقط بالتجاوز العمودي، وإنّما بالتجاوز الأفقي كذلك. بمعنى آخر وجود رغبة إبتكارية دائماً، وهي التي تحدّد الإنطلاقة. فأنا أعرف طاقتي وإمكانيّتي والمواد التي أملك، وبالتالي بالنسبة لي هناك إكتشاف فنّي وإبداعي في كل لحظة من لحظات تجسيد الفكرة الإبداعيّة هذه.


س6: كيف ينظر أحمد معلاّ لفن الرسم، أو الفن التشكيلي؟

ج: بتصوّري الرسم أو الفن التشكيلي، أوالعلاقة مع اللون أو الشكل، هو شكل من أشكال العلاقة مع الكون، وشكل من أشكال العلاقة مع الوعي البشري. والفن هذا من أوائل ما استخدم الإنسان بتعامله مع العالم، وهو يتطور بتطور الحياة. فهناك علم ودين، وهناك بحسب رأي فنٌّ بينهما. وبالتالي هذه المساحة بينهما، هي مساحة واسعة، تعطي فرص كثيرة للبشرية كي تقدّم ذاتها. وأعظم شيئ في الفن، هو هذه القدرة، على عدم إلغائِه لبعضِه البعض. فترى أن الفن السومري يقف بجانب الفن البابلي مع الفن السرياني مع فن عصر النهض مع فن القرن العشرين بدون تعارض، وبقبول كبير وباعتزاز هائِل. الأفريقي مع الآسيوي مع الإسكيمو وبدون أي مشكلة، وهذا بحد ذاته شيء عظيم. بينما تعلم، أنّه في العلوم كل نظرية جديدة هي لاغية للتي سبقتها. أيضاً تعلم أن هناك العديد من الأديان التي تقتل بعضها البعض بإسم الإله المتعالي في السموات. هذا ليس موجود في عالم الفن.

س7: برأي الفنان أحمد معلاّ هل الفن في تطور؟ وإن كان كذلك، فإلى أين سيكون هذا التطور؟

ج: تطور الفن لا يقف عند حد معيّن. لانّه تعبير بشري عن علاقة الإنسان بالمحيط الكوني الذي يعيش، وبما أن هذه العلاقة هي متجدّدة في حيثيّاتها ضمن الخط الزمني المستمر، هذا يعني تجدّد مستمر في الرؤية التشكيليّة. أي تعبير فني مختلف برؤية جديدة.

لذلك تطور الفن، هو تطور مستمر باستمرارية الوجود البشري. ومتغير بتغيّر النظرة البشرية للمحيط الكوني. فهو إذاً مختلف في تشكيله في كل لحظة من لحظات تجسيده في لوحة تعبيريّة. أي هو التجلي الإبداعي المستمر ضمن الخط الزمني للتاريخ البشري. وهذا مرتبط ومختلف باختلاف المعرفة العلمية والتطبيقية في كيفيّة التعامل مع الألوان، وإمكانيّة مقاومة كل لون للضوء، ومدى قدرته على مقاومة العوامل الطبيعيّة للظروف المناخيّة. هذا ما لم يكن متاح للشعوب التي سبقت زماننا. وذلك بسبب تطور العلم وزيادة معرفة خصائص الألوان، والإمكانيات الهائلة في فروقاتها، والتي تتيح إستخدام كميات ومساحات لونيّة واسعة ومختلفة. أي تجلي المشهد التعبيري أو التصويري بحلّة جديدة.

فقديماً لم يعرف الفنانون القدماء، كل الألوان ولم يستخدمونها كلّها، بل عرفو واستخدمو البعض منها فقط. وكذلك، لم يعرفو قدرة كل لون على البقاء والإستمرارية، وأن نشفان الألوان هو ناتج عن عمليات الأكسدة، وهو بحاجة لوقت ربما يطول لعشرات السنين. بينما في زماننا الذي نعيش هناك شركات تحدّد لك قدرة ومقاومة ومدى بقاء كل لون، وبالتالي تتيح لك المقدرة على إستخدام كميات لونية أكثر بطرق ونسب علمية صحيحة تجعل لوحتك التشكيليّة أكثر دقة وجمال وقيمة.


س8: ماهي الأوقات التي يرسم فيها أحمد معلاّ؟

ج: شخصيّاً أرسم في كل الوقات وليس لي وقت محدّد، فكل وقت، هو فرصة للرسم والتعبير. لكن، أقول لك: قد يمر وقت طويل دون أن أرسم، وقد أجلس للرسم دون أن أعرف ليلي من نهاري.

س9: هل ترتبط الرؤية التشكيليّة، للفنان أحمد معلاّ بالتاريخ؟ أو هل ينقل أحمد معلاّ، المشهد التاريخي برؤية وتصور جديد؟

ج: لايمكن الهروب من التاريخ، خاصّةً وأنّ الإنسان مكون من ذاكرة، وبدونِها لا يعرف شيأً. فكثيراً من الأحيان قد تتذكّر مقولة، أو حدث وليس من الخطىء أن تعيد قراءته بشكل ثانٍ، أو تتهكم عليه، أوتسخر منه، أو تعبر عن إمتنانك وسعادتك تجاهَه بلوحة تعبيريّة.


س10: للصحفي والناقد الأدبي روني بو سابا"سبقَ وقلتم أنكم حوّلتم الكلمة إلى جسد، ولكن، ألاحظ أنك لم تنطلق من كلمة، بل من حرف وبالتالي قد فككت. فما قولكم؟"

ج: لا لا أعتقد ذلك، لأنّني لا أريد أن أكتب كلمة، فهذا ممكن وسهل. فالمقصود هو تحويل الحرف إلى جسد، ولكن قد لايكفي حرف واحد، فقد تستخدم إثنين، وبالتالي أكثر من حرف هو كلمة. فتتحول بذلك الكلمة إلى جسد. يمكن أن تسأل هل الكلمة مفهومة؟ هذا موضوع آخر. لكن، ما أقصده هو أنني جَعلتُ من الكتابة بشراً، أو حولت البشر إلى كتابة، لعبة تدوير الحقائق هذه هي جزء من علاقتي مع الحياة، فالحقيقة واحدة، وليس هناك أكثر من حقيقة. بحسب وجودك في أي موقع بالنسبة لي. وهل أنت ثابت أم متحرّك إلخ...وبالتالي هذه هي الفكرة. فالكلمة في مفهومها السمعي تختلف عن الكلمة ببعدها الرؤيوي. وعندما تكون الكلمة أداةً، يمكنك عندها إستخدامها لتصنع بها شكلاً معيّناً، يختلف عن مفهوم الكلمة ككلمة. فبما أنك تملك أداة هذا يعني أنك قادر على صناعة شيئ. هل سيكون ماتصنع جيّد؟ هذا يرتبط بقدرتِك، وذكائِك، ومهارتِك وفطنتِك.

س11: ماذا يقدم تجسيد الفن للإنسان؟

ج: أي إضافة بإمكاننا أن نقوم بها هي مشاركة نوعيّة للحياة، وبحسب رأي نحن بحاجة لها.

س12: حضرة الفنان أحمد معلاّ، مالذي تدعون إليه من خلال أعمالكم الفنيّة؟

ج: مزيد من الأخطاء، ليس بهدف النجاح، وإنما بهدف الحريّة. هذا ما أدعو إليه في أعمالي.

حضرة الفنان أحمد معلاّ، أشكركم كثيراً على منحنا هذه الفرصة الكريمة، لإجراء هذا اللقاء البنّاء، الذي يوضّح جانباً هامّاً من جوانب ثقافتكم الفنيّة، ورؤيتكم الخلاّقة للفن.