Ahmad Moualla
Painting| Workshop| Graphic| Photograph| | | Contact info | What's new?
 


"نزيه خاطر أنت آخر المنضوين..."  

 

نزيه خاطر – رغبتهم في التأسيس لصلات تأتي مباشرة وتكون خصبة ومثمرة ونيرة أي على غير القائم في العلاقات الثقافية بين المدن العربية، أوصلت التشكيليين العرب المنضوين في جماعة "4+5" والمتمثلين بأعمال تدل على كل واحد منهم، إلى القاعة الزجاجية لوزارة السياحة، شارع الحمراء بيروت.
·        أحمد معلا أنت أحد أعضاء هذه الجماعة، هلا تقدم إلينا حركة "4+5"؟.
أحمد معلا– خلال معرض مشترك للفنانين: عبد الرحيم سالم / الإمارات، عبد اللطيف الصمودي /سوريا، سلمان المالك وعلي حسن/ قطر،  في الشارقة عام 1991 ولدت فكرة إنشاء جماعة 4+... برغبة عميقة لتكوين جماعة تشكيلية واسعة.
استجاب الدعوة في البداية كل من نادرة محمود من عُمان، حسين الجبالي وعوض الشيمي من مصر، ثم طلال معلا من سوريا ولدى التحضير للمعرض الأول للجماعة في دمشق انضم أحمد معلا أصبح اسم المجموعة 4+5، والرقم قابل للزيادة، وهو هاجس الجماعة أي أن الاسم لا يزال 4+...
·        نزيه خاطر - ...... وأنت آخر المنضوين، لماذا قررت الدخول إلى الجماعة؟
أحمد معلا – كنت دائما أرفض المشاركة في معارض جماعية، وهي كثيرة في سورية، كالمعرض السنوي، أو معارض النقابة، والمعارض المشتركة في الغاليريات، للمحافظة على خصوصية تجربتي، ولأنني أحاول كل مرة أن أعمل على هاجس محدد من أجل معرض شخصي لهدف ما.
اشتراكي في الجماعة نتج من الرغبة في وضع تجربتي التشكيلية في حدود أوسع، وتماس مباشر مع أساليب أخرى وعلاقات في البحث متباينة. أهمية هذه الجماعة لي تنبع أيضاً من إمكان عرض تجارب تشكيلية متنوعة في وقت واحد وفي أماكن متعددة، ما لا تسمح به ظروفي الشخصية.
من جهة ثانية أنا على اطلاع جيد على التجارب التشكيلية في بلدي سورية ولكنني غريب عن تجارب مصر والإمارات ولبنان وبقية الدول. فكرة الجماعة تسمح لي باتصال أكثر عمقاً من الصور التي قد أجدها هنا وهناك في الصحافة العربية.
·    نزيه خاطر – 4+5 بحسب كلامك حقل تجريبي مفتوح مع الإقرار بحق كل فنان من أعضائها في القيام بتجاربه الذاتية. هل من قاسم مشترك للجماعة؟
أحمد معلا – المنطق الذي دفعني إلى الدخول في الجماعة هو الرغبة أن أكون في وسط جماعة كما أنا، وليس كما يريدون لي. ولا أزال أؤمن باجتماع عام للجماعة في فترة قريبة، ربما خلال سنة من أجل عرض مشاريع محددة وأتصور أنني في شكل رئيسي سأدافع عن حركة دائرية للجماعة، بعيدا عن أية علاقات هرمية في داخلها. أعرف جيداً، وهذا واضح لي،  أن بعض التجارب في معرض 4+5 واصلة إلى درجة اليقينيات التشكيلية، وربما ستكون هذه فرصتي للتعامل معها، برفضها أو بمنازعتها مع قبولي المبدأي لتواجدها في تيار الجماعة. ولا سر عندما أعلن عدم احترامي للتجربة الحروفية. كنت أفضل الحروفيين العرب لو قاموا بمنجزات غرافيكية على مستوى تصميم الحروف بدلاً من استخداماتها في التصوير.
لكن كل ذلك ومن مناخ صحي يجب أن يدفع نحو تجريب بصري يطمح إلى توسيع الغنى الثقافي للعين العربية، أو لن تكون للجماعة تلك القيمة المنتظرة.
·    نزيه خاطر – ظني أن الطابع التأسيسي للوحة العربية الذي ربما طال أكثر مما يجب في البلدان حيث بدأت الحركة التشكيلية منذ أكثر من مئة عام كما في لبنان، مصر، سورية، ظني أن ذلك يعطي أهمية للسلوك الاختباري التجريبي في اللوحة العربية عامة، كيف ترى أثر ذلك في الجماعة 4+5 ؟
·    بمعنى آخر هل قدر اللوحة العربية اليوم أن تكون تجريبية نظراً إلى كونها لا تزال سؤالا ثقافياً مطروحاً لإثبات هويتها في الثقافة العربية؟
أظن أن الجماعة مسكونة بالرغبة في تأسيس مناخ تشكيلي عربي ضمن إطار البحث عن لوحة عربية، تشارك في التجربة العالمية. ولهذا مفتوحة الدعوة إلى التجارب الجديدة، والمبتكرة. وربما لا يحمل المعرض الحالي الصورة الدقيقة لهذا الوضع أو لهذا الهدف، لكن الخطاب المرافق يعبر عن هذه الرغبة. من ناحيتي، تابعت خلال سنوات طويلة التجارب التشكيلية العربية ببناها المؤسساتية والفردية، ولحظت عن قرب آليات انتماءاتها وأساليب ظهورها البصري الذي لم يتمكن كل مرة من التقدم ماديا كمنعكس دقيق للخطاب التشكيلي "اللغوي". هذه العلاقة الديالكتيكية بين الخطاب واللوحة وبين الفنان والحركة التشكيلية العالمية فرضت التجريب على اللوحة العربية التي لا تجد في أغلب الأحيان صورتها في الحياة العامة: الألبسة / العمارة / التلفزيون / طريقة ترتيب الخضار و الفواكه في مكان ما، الخ. مشاكل مثل الالتزام والتراث والأصالة والهوية... الخ ألزمت كماً كبيراً من التجارب العربية أن تنضوي إلى خطوط في أساليب التعبير بقيت متشابهة في العديد من البلدان العربية وبقي الكثير من الفنانين العرب بعيداً عن التجارب الموجودة في بلدان عربية أخرى، بينما يبقى للجميع إطار مرجعي هو التشكيل الغربي. من هنا أن دعوة الجماعة إلى التوسع، دعوة في الوقت نفسه إلى تعريض ساحة المشاهدة واختلاط التجارب ما سيسمح ببحث نوعي في أقطار متعددة.
·        إذا قلت لك (لوحة عربية) كيف هي ردة فعلك؟
برأيي أن (لوحة عربية) شيء غير موجود إلا في الحدود السياسية. فالنزعة القومية هي التي تدفع في هذا الاتجاه، بينما أرى أن وجودي داخل حلقة الحياة العربية هو الذي يمنح صوري / لوحاتي صفة العروبة، فاللوحة عندي تتجاوز المفهومات الشوفينية والعرقية والقومية إلى علاقة إنسانية واسعة بالكون والحياة. والمظهر الخاص الذي أفضله في لوحة "عربية" هو ذلك الإحساس العميق عند الفنان العربي بمشاركة إبداعية في الفن العالمي. أن الإصرار على هوية عربية للوحة سيدفع التجارب الفنية نحو التخلف أي إلى مراحل القومية التي أنجزها الغرب منذ زمن بعيد. لكن الإصرار على خلق إبداعي تشكيلي جديد سيؤدي إلى الانتماء والمشاركة في الحياة، والمستقبل. وأقصد أن الحياة هي الماضي والحاضر والمستقبل في لحظة واحدة، وليس الماضي فقط معاداً بصياغات ما. كل ذلك مع معرفتي بأن ثمة آليات محددة للعلاقة البصرية العربية بالأشياء المحيطة وباللوحة.
·        كأنك ترفض كلياً عناوين التراث وشعارات الالتزام للشبه العربي والحروفية.
ليس رفضاً كلياً وإطلاقياً، وإنما رفض للمفاهيم وللأساليب التي تتناول هذه البنى. فالتراث والالتزام موجودان في كل لوحة في العالم، لكن المشكلة في آليات العمل الفني التي تأخذ عندنا في كثير من الأحيان طابع المنهج: كأن نستمع إلى عفيف بهنسي وهو يحدد شخصية اللوحة العربية وهويتها، في أطر ضيقة، وكأنه يرسم خارطة العمل الفني!
نحن في أمس الحاجة اليوم إلى التراث الذي نصنعه نحن فذلك الذي تركه الآشوريون والفينيقيون والفراعنة والمسلمون موجود، وهو بين أيدينا، لكن الدعوة تخص منجزاتنا اليوم. ومن هنا عرجت على غياب مظاهر تشكيلية عربية في الشارع وفي المنزل والمؤسسة.
يدل البعض على الحروفية مثلا أنها البديل عن البطاقة!
أن تكون الحروفية هوية، هذا يعني إلغاء للتجارب التشكيلية في العالم، إذ يكفي الأرمني أن يكتب بحروف أرمنية ملونة ويبعثرها أو يضبطها ليحصل على هوية تشكيلية قومية، وكذا للألماني والهندي والصيني...الخ، أحس عميقاً بأن الحروفية ليست إلا خدعة وحيلة سهلة جداً للحصول على هوية. والكل يعرف أن الاحتيال ليس ذكاء وإبداعاً وإنما "تدبر"، وكم يبدو العرب اليوم في حاجة إلى هذا التدبر نتيجة للمصائب التي تحيق بهم حضارياً. ومن جهة أخرى على الفنان اليوم أن يفهم أن الايديولوجيا والتعلق بها ليسا من مهماته، وإنما من مهمات الأنظمة التي تكون الدولة من أجل تحضير المجتمع للسير ضمن نسق الأنظمة المفروضة، الفنان لا يتسول الحرية وإنما يخلقها ويعرضها على الناس ليطالب بها الناس، فلا أحد يطلب السيارة إن لم تكن موجودة.
قدرتي على الرقص.
·        من هذه الزاوية ما هو الهاجس الذي يتحكم في لوحتك؟ أو يحددها؟
أعتبر نفسي داعية إلى المزيد من الأخطاء، في سبيل مزيد من الحرية. وعيت أن النموذج والإخلاص له أبعد شيء عن الفن، واللوحة، والعمل بهما. رافاييل /غويا/ تورنر/ دو لا كروا / مونيه / فان غوغ وبيكاسو كلهم أجدادي، تماما كما الواسطي وابن مقله وعليََّ أن أرسم داخل أعمالهم، داخل عوالمهم، وعليَّ أن أبتكر علاقات التشكيل التي تربطني إلى العالم اليوم بقدراتي الفيزيائية والذهنية فأنا أحاول اليوم الاستفادة من قدرتي على الرقص طويلا وأنا أرسم، شيء لن أتمكن من ممارسته عندما أكون في وضع فيزيولوجي مختلف مع تقدم العمر. أعرف جيدا أن الفن زيف يقول حقائق، ولذلك لا أريد أن أرسم زيف الزيف، وإنما زيف حقائقي أنا.
الابتكار والتجريب في اللوحة هما أكثر ما يشدني إلى جانب العمل على التقنية من أجل التمكن من عرض ما يعتمل فيَّ بالأسلوب والإمكانات التي تستجيب تماماً.
·        نزيه خاطر – تبدو لي كأنك تقع في يقينيات، تضعك على مسافة من السلوك التجريبي، لأن اليقين يلغي التجريب.
أحمد معلا – قد يبدو هذا من خلال حدة طابعي في التعامل مع الأشياء المحيطة والأفكار والخطابات التي نتحاور حولها، ولكنني في حقيقة الأمر ومن خلال العمل مضطر للانتماء إلى "يقينيات موقتة" أحتاجها بدقة من أجل التمكن من رصدها وتحليلها والتعامل معها لإنجاز التجربة كاملة ومن ثم الخروج منها.
أنا مضطر إلى إنشاء مشاريع محددة، أحوطها بعناية وألتزمها حتى نهايتها للتمكن من الانتقال منها إلى ما هو أعلى / أبعد.
وقد يكون هذا ناتجاً من تجربتي في التربية الفنية وتدريس الاتصالات البصرية في الجامعة السورية. إذ عليّ أن أضبط المشروع الذي أطلب من تلامذتي تنفيذه وأحدد شروط العمل به وكذلك الأهداف المتوخاة منه. عمل يأخذ طابع اليقين للتمكن من استخلاص الفائدة. لكنني أتقن جيداً البقاء بعيداً أيضاً عن التورط في شكل إطلاقي في هذه المشاريع.
اكتشفت منذ ستة أشهر فقط أنني كنت غبياً عندما كنت أقول عن (بونار) بأنه بخيل لأن لوحاته شفافة وليس فيها إلا كمية قليلة من (المادة اللونية). نعم اكتشفت أن درجة اللون التي وضعها (بونار) بشفافية، هي الدرجة التي لا يمكن تحقيقها إلا بطريقته.
·    تبدو ملوناً من حيث أن وسيلتك إلى التصوير هي اللون إلا أن طريقة استعمالك له تدل على أنك رسام أولاً. لماذا هذه الكمية من اللبس المتعمد المقصود بين الرسام والملون؟
في تجاربي الماضية كان الرسم هو الذي يتقدم، ولاحظت أن المشاهد ينقاد إلى اللوحة بما هو مرسوم فيها. وفي التقاليد البصرية التي نشأت عليها أنا الآخر، وجدتني مراراً ألعب لعبة الرسم برغم أنني ملون، يغبطه اللون.
خلال معارضي السابقة وصل الرسم عندي إلى كامل المساحة التشكيلية، ولحظت أن خطوط القلم الرصاص التي بدأت أرسم بها في أواخر 1991 أخذت تطمح هروباً من الشكل نحو علاقات إيقاعية، فقررت أن أخرج من لوحتي الماضية نحو تجربة جديدة في التلوين. فقمت بالعمل على لوحة لونية، أبعد فيها الرسم على قدر الإمكان عن اللوحة، محاولاً الخروج من المنظور ونقطة الفرار. وفي كثير من الأعمال لم أتمكن من ذلك، إذ ظل الأعلى يأخذ روح السماء والأسفل يأخذ روح الحقل أو الأرض لكنني جهدت لصياغة علاقة لونية قائمة على إيقاعات الرسام وليس على علاقات عقلانية كما في تجارب موندريان أو بعض مجربي الباوهاوس. حاولت المحافظة على الرسام من خلال ضربة الفرشاة وتركت للملون حرية التعامل مع هذه الإيقاعات، ما أنتج هذا اللبس بين الرسام والملون لوحتي لوحة أراني مشدودا إليها لإغناء قدرتي البصرية على التعامل مع آليات جديدة.
·    نزيه خاطر – تراودني استمراراً فكرة كون التشكيلي العربي رساماً يحمل في كيانه ذاكرة خطاط. كأنه وارث بن مقلة وليس وارث الواسطي.
أحمد معلا – الواضح في الكثير من التجارب العربية اليوم، أنه ربما يكون ذلك ردة فعل على البدايات في اللوحة العربية المعاصرة حين قام "الرواد" بانجاز لوحات انطباعية وتكعيبية..الخ، ومن جهة أخرى أن العلاقة بابن مقلة أسهل بكثير من العلاقة بالواسطي، خاصة أن ردات الفعل العربية على الانطباعية والتكعيبية بقيت تستمد حياتها بنوع من التعامي من الاتكاء على بول كلي وآخرين غربيين. ويمكن أيضاً أن نضيف أن الحياة الثقافية العربية بقيت أمينة لتقاليد اللغة، وحاولت اللغة حتى أن تستخدم التشكيل العربي كموضح لها، وظفته من أجل منجزاتها ورأيي أن تجارب ضياء العزاوي القائمة على التلوين والبحث في الشكل هي الأهم في كل ما أنجزه.
فمعلقاته ليست إلا نوعاً من المجاملات لأدونيس ويوسف الخال ومحمود درويش مثلا،  بينما محاولاته في صياغة اللون والشكل هي في موازاة ما قدموه شعرياً. لكن الشارع العربي عامة يفضل معلقاته على أبحاثه التشكيلية لسهولة تناولها بصرياً.
في هذه المناسبة أدعو الجميع إلى تكبير رسائل عشيقاتهم المليئة بالحب أو السخط، بالحيوية أو الملل، تكبيراً مبالغاً فيه مترين × أربعة أمتار ومن ثم يعلقونها على جدرانهم فيحصلون على أجمل أعمال الحروفية.
·        هل تنتظر إفادة من انضمامك إلى 4+5.
حاليا لا أنتظر شيئاً، سوى المؤتمر الأول الذي لا بد سيعقد خلال سنة أو سنة ونصف، عندها وبعد الاحتكاك بالجماعة لا بد من الإجابة عن هذا السؤال بدقة.
·        بما أن 4+5 قابلة للتمدد عددياً، هل من نتائج لمعرض بيروت في هذا الإطار؟
مبدئياً تم الاتصال ببعض التجارب اللبنانية، وستقوم الجماعة بدراسة انضمام أربعة أسماء من لبنان، عسى معرض السنة المقبلة في بيروت يكون مزيناً بأسمائهم.
·    نزيه خاطر – هل عرف المعرض صعوبات بانتقاله من مدينة عربية إلى أخرى، هل تظن الصعوبات دون حرية انتقال الكتاب العربي ستضرب أيضاً اللوحة العربية.
أحمد معلا – حقيقة، يبدو أن الحدود العربية لا تملك قوانين محددة تخص نقل الأعمال الفنية. إذ ساعدتنا وزارة الثقافة السورية باستقبال الأعمال من الإمارات، وكذلك في إخراج المعرض من دمشق إلى بيروت، لكن الجمارك لا تزال غير متفهمة لحركة هذه "السلعة". على كل لم أجد أية صعوبات على الحدود السورية اللبنانية إخراجاً وإدخالاً للوحات، أتمنى أن يستمر هذا ضمن إطار قانون محدد يساعد ويسهل حركة الأعمال الفنية العربية بين الدول.
·        نزيه خاطر – وبعد بيروت إلى أين هذا المعرض؟
أحمد معلا – هناك فكرة نقل المعرض إلى القاهرة خلال أشهر، ثم العمل والاتصال لنقل التجربة إلى المغرب العربي في المرحلة اللاحقة.
نزيه خاطر